موقع الصحفي فادي أبو سعدى

الفرق ما بين العرب وإسرائيل

فادي أبو سعدى- بدون أدنى شك، فإن الفروقات كبيرة وكثيرة ما بين الوطن العربي وإسرائيل في وجهات عدة، لكن الفترة الأخيرة حملت في طياتها الكثير، ليس من منطلق المقارنة وحسب، وإنما من منطلق الثقافة والسياسة المُحزنة التي تتغلغل في الوطن العربي، وهي ثقافات مرفوضة بالمطلق، لكن لا حل لها على المدى القريب، وهو أمر يدعو للخجل أولاً، وبحاجة لوقفة تقييم ثانيًا، ومحاولة إيجاد الحلول ثالثًا.

في الوطن العربي، الفساد ينخر كل مناحي الحياة، وربما ثورة لبنان الحالية، أكبر دليل وشاهد حي، على ما يجري في الوطن العربي ككل. والأدهى من ذلك، أن الطبقة الحاكمة "الفاسدة" مستمرة في الحكم دون محاسبة، ما يزيد من بطشها أولا، وتغلغل الفساد إلى أعلى مستوياته ثانيًا، ويقود إلى أدنى مستويات الفقر والذل للمواطن العادي ثالثًا.

لكن في إسرائيل، ورغم تغلغل الفساد، إلا أنك تجد منظومة قضائية قادرة على الملاحقة والمحاسبة، ولا يسلم أحد في دولة الاحتلال من المحاسبة، من رئيس الدولة، إلى رئيس الوزراء، إلى الوزراء، ورؤساء البلديات وغيرهم. وخير دليل على ذلك موشيه كتساف، ايهود أولمرت، آرييه درعي، وحاليًا قضايا نتنياهو، وغيرها الكثير.

الأمر الثاني اللافت في هذه المقارنة، هو أن إسرائيل ورغم الحروب المستمرة منذ زمن، سواء ما بين الاحتلال والمقاومة في غزة، أو الحروب مع حزب الله اللبناني، أو قبل ذلك على مستوى الانتفاضتين الفلسطينيتين، فإن الآمر الناهي للجيش هم الساسة، وهم من يعطي شارة انطلاق الحرب، أو شارة الانتهاء. لكن في الوطن العربي، فإن الجيش عادةً هو من ينقلب على الساسة ويستولى على الحكم، والأمثلة على ذلك كثيرة.

الأنكى من ذلك كله، وهو أنه وفي كل جولة من جولات الحروب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية أو اللبنانية، هو أن إسرائيل هي من تبدأ في الاغتيالات والاعتداءات، ومثال اغتيال قادة الجهاد الإسلامي في غزة مؤخرًا، توضح أن العرب من من يتراكضون خدمة لإسرائيل وليس العكس. وفي إسرائيل هناك قيمة كبيرة للإنسان أو المواطن، أما نحن العرب أو الفلسطينيين، فإن كل من استشهد أو جرح في أي جولة من جولات المعركة، فإنهم ليسوا سوى أرقامًا فقط، لا قيمة لهم عند الأنظمة القائمة!

أما حركة حماس، فهي جزء لا يتجزأ من منظمة الإخوان المسلمين، الذين لا يريدون إلا السلطة، والحفاظ على الكرسي بشتى الطرق، ومهما كلف الأمر، والأمر الذي أدى إلى ترك الساحة للجهاد الإسلامي فقط، دون تدخل حماس في الجولة الأخيرة من المعركة، وهو ما أدى إلى انتقادات كبيرة للحركة في الشارع الفلسطيني، الذي بات يعرف الحسابات والفروقات ما بين السياسة والمقاومة.

مسيرة الإصلاح طويلة جداً في عالمنا العربي، لكن المهم قراءة المشهد بتروي، كي نعرف الطريق الصحيح للتخلص من كل هذه الأمور التي لا تقودنا إلا إلى الهاوية بشكل محتوم. ورغم كل ذلك هناك بصيص أمل علينا التشبث به، ومواصلة الطريق للوصول إلى ما هو أفضل للإنسان والمواطن العربي.