تغيير اللغة
إحنا بواد... وانتوا بواد
فادي أبو سعدى- لا أدري لماذا خطرت ببالي أغنية بداية مسلسل "حارة أبو عواد" الأردني عندما كنت صغيراً، والتي تقول مما تقول "حامل السلّم بالعرض، إحنا بواد وإنت بواد". وقد تكون شارة المسلسل تنطبق على الحالة التي نعيش هذه الأيام إذا ما تحدثنا عما يدور على الأرض في فلسطين منذ بداية شهر رمضان وحتى انتهاء عيد الفطر ومستمرة حتى الآن. بينما حكومتنا وقيادتنا بعيدة كل البعد عنا وتفكر في أشياء أخرى.
فعلي الأرض ومنذ زمن طويل جداً لم يسقط هذا العدد من القتلى أو الضحايا أو الشهداء "أياً كانت التسمية التي تعجبكم" لكنهم سقطوا بأيدٍ فلسطينية هذه المرة. وقارب عدد الشجارات على الألف شجار في مختلف أنحاء الضفة الغربية. حتى أن الساعات القليلة الماضية حبلت بالتطورات وأدت لسقوط قتيل جديد وعشرات الجرحى ومثلهم من المعتقلين فيم حيط القدس المحتلة.
والكارثة في هكذا وضع أن القانون الفلسطيني ما زال بحاجة للكثير من التحديث ومواكبة تطور الحياة وتطور الشجارات فيها. لكن الأكثر كارثية هو قضية "العشائرية" وحل غالبية المشاكل المحلية على هذه الطريقة التي سمحت لفنجان من القهوة أن يغلق ملف من الدماء حكمه القانوني إما الإعدام أو المؤبد مع الأشغال الشاقة كما تعلمنا قديما من الأفلام المصرية.
على الجانب الآخر أو الرسمي لم نسمع كلمة واحدة في أي من بيانات الحكومة الفلسطينية عما يجري على الأرض رغم أن رئيس الوزراء الحالي رامي الحمد الله هو وزير الداخلية وهو الشخص المسؤول عن متابعة ما يجري على الأرض مع الأجهزة الأمنية. وهذا الأمر بالنسبة للشارع فيه الكثير من خيبة الأمل التي تضاف إلى خيبات أخرى كثيرة.
فيما على الصعيد السياسي تواصل الحكومة ومعها القيادة الفلسطينية عملها الذي نؤيده بشدة بالمضي قُدماً في المساعي الدولية لمحاسبة إسرائيل. لكنه من الجهة الأخرى يبدو وأنه لا يعلم شيئاً مما يجري على الأرض. فبينما الدماء تسيل فلسطينياً فلسطينياً بعيداً عن الاحتلال الإسرائيلي يدور الحديث عن الأفكار الفرنسية ومثلها الأوروبية في محاولة لإحياء عملية السلام مع إسرائيل!
بكل تأكيد أن الحياة لا بد أن تستمر. ولا بد للقيادة ومعها الحكومة التفكير والعمل على المستوى السياسي لإعادة بصيص من الأمل للقضية الفلسطينية. لكننا نعتقد "نحن الشعب" أن الأولوية القصوى هي للشعب الذي يمثل سنداً رئيسياً للقيادة والحكومة على كل الأصعدة. لكن ومع ما يجري على الأرض لا يمكن أن نكون سنداً حتى لأنفسنا. فقد عاد الحديث بقوة عن الهجرة وترك البلاد لمن فيها وهذا أمر خطير جداً. فلا تتركونا في واد وتسيروا في واد آخر!