موقع الصحفي فادي أبو سعدى

اليساري العربي والصور النمطية المغلوطة

فادي أبو سعدى- تتحفنا الشاشات العربية في شهر رمضان من كل عام، بمسلسلات من المفترض أنها تحمل هموم الشارع العربي على اختلافها. لكن هذه المسلسلات والقائمين عليها، يغفلون أن المشاهد ذاته بات أذكى بكثير من ذي قبل. وأن عليهم تقديم ما هو أعمق وأشمل ويمس نبض الشارع وهمومه لا أن تبقى القضية في الإطار العام لها.

ولفت انتباهي هذا العام مسلسل "أستاذ ورئيس قسم" وهو للفنان القدير عادل إمام، الذي دائماً ما ننتظر إنتاجاته ونتابعها باهتمام، كوننا قريبين جداً من الشأن المصري على وجه الخصوص، والذي في الكثير من الشأن العربي في نفس الوقت.

 ورغم أنه لم يمر سوى ثلاثة أيام على شهر رمضان، إلا أن الفكرة آخذة في الوضوح سريعاً، فقد عشنا الشأن المصري لحظة بلحظة، لكن الملفت كان النظرة العربية لليسار العربي على وجه الخصوص، التي رافقها الكثير من الثقافات المغلوطة والتي نُصر على إعادة إنتاجها رغماً علمنا بعدم صحتها.

لقد شعرت بالإهانة الكبيرة للإصرار على تصوير اليساري العربي على أنه "سكّير ويُحب النساء وأنه مُلحد في ذات الوقت" وهي صورة نمطية رسمتها الكثير من الأنظمة العربية في السابق، وتعيد إنتاجها من جديد كلما احتاجت، ويبدو أننا بتنا نصدق هذه الصورة تبعاً لمقولة "التكرار بعلم الحمار".

وهذه الصور النمطية المغلوطة غير مربوطة باليسار العربي فقط، وإنما كذلك بالإسلاميين وأية تيارات أخرى قد تكون ضد النظام فيرسم لها صوراً كما يشاء، وترتبط بالعقل العربي سريعاً بل وتزرع كي لا يمكن شطبها إلا بعد عقود طويلة.

إنه لمن المعيب جداً أن يخرج عليها من يسمون أنفسهم مُثقفين ومبدعين لإنتاج ما هو غير صحيح وغير صحي لمشاهد أصبح خبزه اليومي هو السياسة، وبات معجوناً بكل أصنافها ولا ينطلي عليه شيئاً، كما أنها خطيئة بحق أنفسهم قبل المشاهد الذي كان ينتظرهم.

وعلى أرض الواقع، كانت عودة اليسار قوية جداً في اليونان على سبيل المثال، وهذا يعني أن الفكر اليساري قد يمرض لكنه لا يموت، وأي مجتمع مدني علماني يبحث عن التقدم لا بد وأن يكون لديه مخزون من هذا اليسار ومدموج مع كافة شرائح المجتمع الأخرى. لكننا في الوطن العربي يبدو أننا لا نتعظ أبداً.