موقع الصحفي فادي أبو سعدى

نصف شيقل إضافية بينما الخبز ليس للبشر!

فادي أبو سعدى

تعالت الأصوات خلال الأيام القليلة الماضية، بخصوص إعادة رفع سعر الخبز لنصف شيقل إضافية ليصبح الكيلو (إن وصل وزنه إلى كيلو) لأربعة شواقل (أكثر من دولار بقليل) واستغرب الكثيرون هذا الرفع كون الجهات المسؤلية وقبل حين أقامت الدنيا ولم تقعدها وخفضت سعر الكيلو آنذاك وشددت الرقابة (رأفةً بالمواطن وحاله) على رأي بعض المسؤولين كما قيل في ذلك الوقت.

هذه المرة وكما صور الزميل وليد بطراوي ونشر على صفحته الخاصة بالفيس بوك للتواصل الاجتماعي، فإن الخبز لم يعد صالحاً للاستعمال البشري إن سمح لي بوقل هذا، أو إن احتجت للخبز فعلاً فعليك شراؤه من المخبز وتناوله فورا ودون تأجيل لأنه وبعد أقل من ساعة لا يمكنك الاستمتاع به لأنه سينشف ويتكسر بصورة لم نعتد عليها سابقاً (إلا في بغداد زمن الحصار).

قيل أن السبب في رفع سعر الخبز هذه المرة هو الأزمة المالية العالمية، وقيل أيضاً أن السبب هي الحرائق التي اندلعت مؤخراً في روسيا، كما قيل أن المناخ هو الآخر لعب دوراً ليس بالجيد في هذا المجال. طيب هذا بخصوص السعر ولكن ماذا عن الجودة؟ قيل أيضاً أن نوعية الطحين الذي نحصل عليه من تلك الجهة سيء، فلماذا نشتريه؟ وقيل أن جزء كبير من الطحين منتهي الصلاحية أو على وشك ذلك، فلماذا نقبل صدقات من هذا النوع إذاً؟

يتحدثون أحياناً أخرى عما يرغبون بتسميته "ثورة الخبز" لكنهم تناسوا ما يحدث في سلع أخرى كذلك الحال، فصدقوني المشكلة ليست في الخبز وحده، ففي آخر تحقيق أجرته وكالة PNN بخصوص أسعار اللحوم تبين أن هامش الربح في سعر الكيلو الواحد يحدده التاجر وحده وليس سواه، والمصيبة العظمى أن هامش الربح هذا يصل إلى 25 شيقل للكيلو الواحد! أليست هذه كارثة بينما نتحدث عن ثورة هامش الربح فيها نصف شيقل؟؟؟

المشكلة هنا لا تكمن فقط في التساؤل عن "حماية المستهلك" فهم يحاولون.. لكن الكارثة تكمن في بعض القوانين الكارثية بحق والتي يجب العمل على تغييرها بالسرعة الممكنة، بدءً من السماح مثلاً باستيراد اللحوم الحية للسيطرة على سعر الكيلو، ووصولاً إلى عقوبات صارمة بحق المتلاعبين في الأسعار وبشكل علني للإعلام وللعامة على حد سواء، لا أن نقول مثلاُ "اعتقال عدد من التجار وتحويلهم للنيابة العامة" ومن ثم لا نسمع شيئاً آخراً عن الأمر!! ونتحدث عن نزاهة القضاء ودولة القانون!

أعتقد أن الأمر غاية في الأهمية، وأعتقد أكثر بأن هناك مسئولية كبيرة تقع على عاتق فئات عدة، لكن الأهم أن تتخذ خطوات عملية على الأرض في شتى المجالات مثار الحديث كي يبدأ المستهلك "المسكين" بلمس تغييرات جذرية تمتد من النوعية وصولاً إلى جيبه، وتذكروا أنه ولولا وجود المستهلك لما وجد السوق، أليس كذلك؟