موقع الصحفي فادي أبو سعدى

عن المصالحة... ورفع الحصار عن غزة!

فادي أبو سعدى

لا زلنا لا نعرف الحقيقة من وراء العودة للحديث عن المصالحة الفلسطينية الداخلية، تحديداً بعد حادثة القرصنة الإسرائيلية ضد اسطول الحرية في المياه الدولية، فالمصالحة كهدف مطلوبة لنا جميعاً، لكنها قد تكون مصالحة مفروضة إلى حد كبير، وبالتالي قد تكون معرضة للانهيار كسابقاتها، والأخطر أن تكون مبنية على مصالح ضيقة لهذا الطرف أو ذاك، دون الأخذ بعين الاعتبار حياة مليون ونصف المليون غزي، هم الذين دفعوا الثمن الرئيس لما جرى بين الأخوة الأعداء.

اذا ما قارنا حالتنا بالحالة اللبنانية، فالأخيرة أشد تعقيداً منا بكثير، لكن المصالحة نجحت  هناك بين كل الأطراف وأتت بعد حسم عسكري إلى حد بعيد، وتم احتوائها خلال ساعات معدودة! فلماذا لم نستطع نحن؟ ولماذا تركنا كل هذه السنوات وحدنا فريسة للتجاذبات بين هذا المعسكر أو ذاك؟ وفقاً لمصالحهم هم وليس نحن؟

ها قد وصل الحراك العربي ذروته أخيراً، وزار الدبلوماسي العربي الأول عمرو موسى قطاع غزة، ليتحدث عن ضرورة المصالحة التي نعرفها كشرط لوصول مساعدات إعادة الإعمار، فما هو الجديد في ذلك؟ والسؤال هو ماذا قدمت الجامعة أو أتت لتقدم بخصوص هذا الملف؟ ولماذا سارع الرئيس عباس بإرسال أكثر من رسالة إلى حماس، وبحث عدة خيارات برية وبحرية لتحرير قطاع غزة من الحصار؟ أسئلة كثيرة تدور فحواها حول التوقيت بشكل كبير.

لو افترضنا جدلاً حدوث هذه المصالحة، فمن الذي سيحكم غزة حماس أم السلطة الوطنية؟ وهل سيكون الاتفاق على العودة لحكومة وحدة وطنية تواجه مجدداً انقطاع أموال المانحين لنعود لنفس الدائرة المفرغة؟ أو ستبقى حماس في الحكم بينما تمسك السلطة الوطنية زمام الأمور فيما يتعلق بإدارة معابر غزة؟ أم أن السيناريو المطروح سيكون الاحتكام لصناديق الاقتراع أياً كان الفائز؟ وماذا لو فازت حماس مجدداً، هل سنقتتل مرة أخرى؟.

لا نريد الانفصال عن غزة، لكننا لا نريد أيضاً حكماً إسلامياً في البلد، نريد المصالحة، لكننا لا نريدها شكلية فقط، نريد سلطة واحدة وحكومة واحدة، ولا نريد طباخين كثر، فطبختنا احترقت منذ زمن طويل! ولسنا ندري ماهية السيناريوهات الخاصة بهم والمطروحة على الطاولة بينما جل اهتمامنا نحن هو إنهاء الاحتلال، ومحاولة الحصول على دولة فيما تبقى من الأرض، بالمفاوضات أو المقاومة اللاعنفية، بعدما فشلنا في الخيارات الأخرى.

آن الأوان لتخرجوا إلينا وتحدثونا في العلن عما يدور الحديث عنه وبالتفصيل، فقد دفعنا بما فيه الكفاية من مخلفات اتفاق أوسلو المفاجئ آنذاك، وقد دفعنا من الدم ما يكفي جراء انهيار اتفاق مكة الذي لم يحترم، ولسنا قادرين على دفع المزيد، من اتفاق محتمل جديد غير مبني على أسس صحيحة تخدمنا كشعب وككقضية بعيداً عن المحاصصة، خاصة بوجود الاحتلال الذي ندفع ضريبة الحرية والخلاص منه بكل فخر.