تغيير اللغة
اللجنة العربية ما بين الحالتين الفلسطينية واللبنانية
فادي أبو سعدى
عندما دبت الاشتباكات ما بين الفلسطينيين في قطاع غزة منتصف حزيران المنصرم، تداعى العرب واجتمعوا في القاهرة، وقرروا لجنة تحقيق في الأحداث، بينما في لبنان قرروا لجنة للتحرك الفوري، وصلت بيروت في ظرف ساعات قليلة، وقبل أن ينتهي النهار، كانوا قد نجحوا في سحب الأطراف المتناحرة من لبنان إلى الدوحة، ولم يسمحوا بعودتهم قبل الاتفاق على معظم الأمور الخلافية.
وإذا كنا نريد التفكير في عملية المقارنة ما بين الحالتين بموضوعية، رغم اختلاف كبير في الظروف وفي الأسباب والمسببات، إلا أن الأمور في تشابه كبير من حيث الحلفاء لكلا الطرفين الفلسطينيين، كما هو الحال فيما يخص الحالة اللبنانية، فسورية وإيران وقطر من جهة مع حزب الله، كما هو الحال مع حركة حماس، والسعودية ومصر مع الموالاة كما هو الحال مع السلطة الفلسطينية أو حركة فتح.
وإن كانت قطر وبمعيتها الجامعة العربية، قد نجحت في الحالة اللبنانية بالتوفيق ما بين الأطراف اللبنانية، والأهم الحلفاء الإقليميين، فلماذا لم تفعل ذلك في الحالة الفلسطينية حتى الآن! وإن كان عمرو موسى لم يوقف جولاته المكوكية إلى العاصمة اللبنانية بيروت، فلماذا لم يفعل للحالة الفلسطينية حتى الآن أيضاً! أو على الأقل استدعاء الطرفين إلى القاهرة للبدء بمباحثات لتقريب نقاط الخلاف!
ليست الحالة الفلسطينية أعقد من الحالة اللبنانية من ناحية التمثيل الطائفي، واختيار الرئيس ورئيس الوزراء، ورئيس مجلس النواب، ولا نعتقد أن مخططات الحلفاء أيضاً فيما يخص الحالة الفلسطينية أعقد من نظيرتها اللبنانية، فلماذا لم يتدخل أحد، خاصة بعد المحاولة اليمنية، والتي انتهت بشكل غريب جداً دون الدخول في تفاصيل ما جرى، لكن العرب سمحوا لهذه المحاولة الجادة بالفشل، على عكس ما فعلوا في الحالة اللبنانية.
وإن كان مجلس الأمن قد انتظر الجامعة العربية، والجهود القطرية، وانتظر الحلفاء من الضدين قبل إصدار أية قرارات أو فرض عقوبات على بعض الأطراف اللبنانية أو بعض الدول العربية والإقليمية الحليفة، فلماذا لم ينجح العرب بالتحرك باتجاه القضية الفلسطينية، وباتجاه عدم التدويل والحيلولة دون دخول المزيد من الأطراف، قبل حسم الأمر سلباً أو إيجاباً! رغم مرور قرابة العام على الأحداث المؤسفة والتي لا تزال امتداداتها مستمرة حتى الآن!
لا زلنا بانتظار تحرك ما من الداخل أو من الخارج، من العرب، أم من الأصدقاء الذين لا زالوا يتمتعون بالنزاهة، فنحن الخاسر الوحيد من كل ما جرى ويجري، وليس لدينا خيارات كثيرة، كون القضية الأساس لا زالت مع الاحتلال ولا تبدو نهايتها وشيكة، فهل نهدر المزيد من الوقت بأيدينا، ونحن بأمس الحاجة لكسب كل دقيقة في سبيل التحرر!
الأمر لكم أيها العرب هذه المرة، فنجاحكم في لبنان يسجل لكم، فلماذا لا تسجلوا نجاحاً آخراً في الأراضي الفلسطينية، لأشقاء لكم عانوا الكثير، وبانتظار لحظة الفرج، وصدقوني إن الوحدة الفلسطينية تساوي هذه الأيام تحررنا من الاحتلال ونحن بحاجة لكل دفع معنوي يساعدنا على الصمود أكثر وأكثر! الأمر لكم..